منصة شبابية، شاملة ومتنوعة تنشر المعرفة والترفيه في الأردن والوطن العربي

إغلاق محلات بلبن

من "القشطوظة" إلى جنون العظمة إلى حالات التسمم.. أبرز أسباب إغلاق محلات بلبن

من "القشطوظة" إلى جنون العظمة إلى حالات التسمم.. أبرز أسباب إغلاق محلات بلبن

نشر :  
منذ شهرين|
اخر تحديث :  
منذ شهرين|
|
اسم المحرر :  
أحمد صفوت

في غضون أربع سنوات فقط، صعد اسم "بـ لبن" ليصبح من بين أبرز، إن لم يكن الأبرز، في سوق الحلويات والمأكولات الشرقية الجاهزة داخل مصر والوطن العربي، وخارجهما، بواقع أكثر من 300 فرع في مصر، والسعودية، والأردن، والكويت، وغيرهم من الدول التي تشمل حتى الدول الأوروبية.

هذا الصعود السريع لم يكن مدفوعًا بجودة منتجات بلبن أو طعمها المفرط في حلاوته (بسبب كميات السكر المخيفة بالتأكيد)، وإنما نتيجة مباشرة لاستراتيجية تسويقية جريئة، ومستفزة، بالنسبة للكثيرين، كيف لا وقائمة بلبن تعج بأسماء عجيبة تمتد من "القشطوظة" إلى "اللهاليبو يح يح"!

ما طار طيرٌ وارتفع...

مع نهاية الشهر الماضي، مارس 2025، تفاجئنا بأخبارٍ متداولة عن غلق سلسلة محلات بلبن في السعودية، وذلك على خلفية بلاغات عديدة من مواطنين ومقيمين بشأن وقوع حالات تسمم غذائي في العاصمة الرياض وعدد من المناطق الأخرى، وذلك بحسب ما أوردته صحيفة عكاظ.

نتيجة لذلك، أعلنت السلطات الصحية في السعودية إغلاق كافة فروع بلبن على مستوى البلاد وهو ما أثار جدلًا واسعًا تردد صداه في مصر؛ منشأ العلامة التجارية.

التقارير الصادرة أكدت فكرة التسمم الغذائي وأن المواطنين والمقيمين ظهرت عليهم أعراض استدعت نقلهم إلى المستشفيات والمراكز الطبية لتلقي العلاج والرعاية اللازمة، وفقًا لما نشره موقع القاهرة 24.

وعلى إثر البلاغات، تحركت فرق الرقابة الصحية التابعة لأمانة منطقة الرياض بشكل عاجل إلى المواقع المتضررة، حيث باشرت المعاينة الميدانية، وأصدرت قرارًا فوريًا بإغلاق جميع فروع السلسلة في الرياض، بما في ذلك المقر الرئيسي، كإجراء وقائي يهدف إلى حماية الصحة العامة وضمان سلامة المستهلكين.

بلبن والعبد.. الاستهزاء بالمنافس

في نفس الفترة تقريبًا، أشعل بلبن مواقع التواصل وأثار موجة من الغضب ضده بعد أن استهزأ -بشكل غير مباشر- بعلامة "العبد"، أحد أعرق الأسماء في عالم الحلويات الشرقية في مصر.

القصة أن بلبن أطلق إعلانًا ترويجيًا أساء لأحمد العبد، مؤسس العلامة الشهيرة "العبد"؛ وهو ما اعتبرته الأخيرة إهانة لها فتحركت على إثره لاتخاذ إجراء قانوني تأديبي مؤكدة أنها لن تسمح بأي إساءة إلى إرث مؤسسها الذي قدم إسهامات بارزة في قطاع صناعة الحلويات المصرية.

ما زاد الطين بلة أن ذلك الإعلان تزامن مع إعلان آخر لبلن ظهر فيه الفنان سليمان عيد مُجسدًا شخصية نوبية بلهجتها وزيها التقليدي، مما أثار موجة غضب واسعة في أوساط المجتمع النوبي، الذين رأوا في الإعلان تجسيدًا نمطيًا مسيئًا وتمييزًا ثقافيًا لا يليق.

الاستهزاء حتى بالمستهلكين!

بالتوازي مع أزمات "بلبن" الإعلانية والصحية، بدأ الرأي العام في مصر وخارجها يلتفت إلى جوانب أخرى من تجربة هذه العلامة المثيرة للجدل، وعلى رأسها أسماء المنتجات التي أثارت انتقادات واسعة. فبين "القشطوظة" و"البمبوظة" و"اللهاليبو يح يح" و"الأمبلية"، اعتبر كثيرون أن اللغة المستخدمة في تسويق هذه الأصناف تفتقر إلى الذوق العام، وتقوم على الاستفزاز المتعمد لجذب الانتباه، ما يُضعف من قيمة العلامة التجارية على المدى الطويل.

كما لم تسلم مكونات المنتجات نفسها من الانتقاد، إذ وجه البعض سهامهم إلى المحتوى العالي من السكر والسعرات الحرارية التي تتجاوز في كثير من الأصناف حاجز الـ 2000 سعرة حرارية بسهولة، وهو ما أثار تساؤلات جدية حول التزام "بلبن" بالمعايير الصحية، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو نمط حياة أكثر توازنًا واهتمامًا بصحة المستهلك. هذه الانتقادات أعادت طرح تساؤلات قديمة حول ما إذا كان النجاح المبني على الضجة والغرابة يمكن أن يصمد أمام وعي المستهلك المتزايد.

إلا كما طار وقع!

بعيدًا عما إذا كان جواب السؤال المطروح أخيرًا نعم أو لا، فالقشة التي قسمت ظهر بعير بلبن جاءت من السلطات المصرية؛ من محافظة الجيزة تحديدًا، حيث صدر قرار مفاجئ بغلق كافة فروع السلسلة داخل المحافظة بعد تلقي بلاغات من مواطنين أفادوا بتعرضهم لحالات تسمم غذائي -كما حدث في السعودية- إثر تناولهم منتجات من أحد الفروع الواقعة في منطقة الشيخ زايد.

تعود فصول الحادثة إلى إصابة رجل وزوجته ووالدة زوجته بحالة تسمم غذائي، بعد تناولهم صنف "أرز بلبن" من أحد فروع السلسلة بمدينة الشيخ زايد، وعلى إثر تدهور حالتهم الصحية، جرى نقلهم على الفور إلى مستشفى الشيخ زايد العام لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، مما استدعى تدخلًا سريعًا من الجهات الأمنية للتحقيق في ملابسات الواقعة.

وتلقى مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن الجيزة بلاغًا من رئيس مباحث قسم شرطة الشيخ زايد أول، يُفيد بوصول الحالات الثلاث إلى المستشفى متأثرة بأعراض التسمم الغذائي عقب تناولهم منتجات من الفرع المشار إليه. وعلى الفور، انتقلت فرق التحقيق إلى الموقع، حيث بدأت بمناقشة المصابين، وفحص كاميرات المراقبة، وسماع أقوال العاملين وشهود العيان، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية. وقد تم تحرير محضر بالواقعة وأحيل إلى جهات التحقيق المختصة.

وفي ضوء ما كشفته التحقيقات الأولية والتقارير الرقابية، أصدر المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، قرارًا إداريًا بإغلاق 12 منشأة تابعة للسلسلة، وقد شمل القرار عددًا من الأحياء والمراكز، منها العجوزة، العمرانية، جنوب الجيزة، الوراق، إمبابة، مدينة 6 أكتوبر، مدينة الشيخ زايد، الحوامدية، والبدرشين، وذلك استنادًا إلى تقارير صادرة عن مديرية الشؤون الصحية بالجيزة وإدارة مراقبة الأغذية، والتي أكدت أن هذه الفروع كانت تزاول نشاطها دون التراخيص والتصاريح الرسمية المطلوبة.

لاحقًا، أُغلقت جميع فروع بلبن في مصر والبالغ عددها 110 فرعًا.

بلبن يستغيث!

في أول رد رسمي على قرارات الإغلاق، أعلنت بلبن عن توقف نشاطها بالكامل داخل جمهورية مصر العربية، موجّهة نداءً عاجلًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي للتدخل واحتواء الأزمة. وأعربت الشركة في بيانها عن عجزها عن الوصول إلى حل واضح، رغم محاولاتها المتكررة للتواصل عبر القنوات الرسمية، مؤكدة أن أسباب الإغلاق "لا تزال غامضة"، وأن غياب آليات المعالجة وضع الشركة في حالة "شلل كامل".

وشددت بلبن على أنها ليست مجرد مشروع تجاري، بل كيان مصري متكامل يسهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال التشغيل والاستثمار والتوسع الإقليمي. وأوضحت أن معظم أنشطتها في الدول العربية تعتمد على ما يُدار من داخل مصر، ما يجعل إيقاف العمليات المحلية يهدد استمرارية وجودها في الأسواق الخارجية ويؤدي إلى تعطيل مباشر في أنشطتها الإقليمية، وتسريح أكثر من 25 ألف موظف!

وأكدت الشركة أنها لا تطلب استثناءً أو إعفاءً من الرقابة أو المحاسبة، بل تلتمس فقط الحماية والعدل والتحقق. واعترفت بأن أي كيان بهذا الحجم قد يقع في أخطاء، لكنها على أتم الاستعداد للمراجعة والتصحيح والتطوير، إذا ما أُتيحت لها الفرصة العادلة للقيام بذلك.

واختتمت الشركة بيانها بنداء عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء وكافة الجهات المعنية، مطالبة بالتدخل السريع لحماية كيان وطني نشأ داخل مصر ويُصدر اسمه بفخر إلى الخارج. وناشدت الجميع بالوقوف إلى جانبها في هذا الظرف الحرج، حتى لا تضيع سنوات من الجهد، ولا تُقطع أرزاق آلاف الأسر، مشيرة إلى أن مشروع بلبن كان ولا يزال قصة نجاح مصرية تستحق أن تُحفظ وتستمر.

مصير بلبن في الأردن

بالرغم من التصعيد الأخير في مصر والسعودية، لا تزال فروع بلبن في الأردن تواصل استقبال الزبائن بشكل طبيعي، ولم تُصدر المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأردنية حتى الآن أي بيان رسمي بشأن نشاط السلسلة داخل المملكة. هذا التباين في المواقف يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت أسباب الإغلاق في مصر محصورة فقط في قضية التسمم الغذائي، أم أن هناك خيوطًا أخرى في الكواليس، كما يلمّح البعض إلى احتمالات تتعلق بملفات مثل غسيل الأموال أو غيرها من القضايا التي لا تزال غير معلنة. المُعلن والمؤكد أن بلبن وصلت إلى حالة من جنون العظمة أودت بها إلى الإغلاق في النهاية!